ان من يعتقد ان راس المال يعمل من اجل سواد عيون الوطن ولمصلحة المواطن
البسيط،؟! من اجل رفع مستوى حياة ذلك المواطن ورفاهيته ؟! فهو يخطئ خطا
كبير! فأصحاب المال لهم أجندتهم البند الأول فيها مصالحهم الشخصية ( بما في
ذلك الكسب المالي والكسب الاجتماعي والكسب السياسي وكسب مزيد من النفوذ )
وبعد ذلك يمكن التفكير بأي شئ اخر! فعندما يدخل راس المال الى الإعلام فان
يكون صاحب التأثير الأكبر على كل ما يجرى في غرف التحرير، فصحيح أن المال
يساهم بزيادة الاستثمار في هذا المجال ولكن مردوده يكون لصالح رجال الإعمال
اول واخيرا، وهنا تذكرت مقالة الكاتب محمد السعدني في صحيفة الاهرام تحت
عنوان " هكذا العلاقة بين راس المال والاعلام " جاء فيها:
" ومن
البديهي ان أي وسيلة اعلامية خاصة لابد ان تعبر بشكل او بآخر عن مصالح
اصحابها .. ومن العبث والاستخفاف بعقول الناس القول ان رأس المال ليست له
علاقة بتوجهات واستقلالية الوسيلة الاعلامية .. حتي في الصحف القومية ، قد
تخضع بعض القيادات الصحفية والاعلانية لتوجهات ومصالح كبار المعلنين
الممولين لميزانياتها" وهذا ما اتفق عليه الكاتب سيد اعبيد ولد احمد للحاج
في مقالة له:"... لا شك أن وجود علاقة وثيقة بين المال والإعلام جعلت
الإعلام الحر في منطقتنا العربية في موقع اختبار حقيقي ومصدر قلق متفاقم
فإذا ما أردنا معرفة السلطة الرابعة في بلادنا ما علينا إلا فك رموز علاقة
الإعلام بالمال فحينها سنجد أنه لا إعلام مستقل في منطقتنا خاصة لو أخذنا
بعين الاعتبار الأحداث التي تجرى حالياً في المنطقة العربية فسوف نجد أن
ثورتي مصر وتونس خير دليل على كشف هوية الإعلام وعلاقته بالسلطة والمال
وانحيازه لإيديولوجيا دون غيرها حيث يعزو أحد الباحثين الإعلاميين الى أنّ
نكسة الإعلام المستقل في بلادنا تعود أساساً إلى مصادر التمويل وقدرته على
المنافسة".
انه ليس فقط في العالم العربي فقط حيث ان المعلن هو الذي
يحدد السياسة التحريرية بل المادة الصحفية أيضا ، ففي أوروبا لا تزال أصداء
قضية رجل الاعمال والإعلام صاحب اكبر إمبراطورية إعلامية في العالم روبرت
ميردوخ تحدث أمواجا من ردود الفعل الغاضبة والمطالبة بإعادة النظر في
العلاقة بين المال والإعلام ، ميردوخ هذا تمكن من خلال السيطرة على وسائل
الإعلام المختلفة في العالم من التأثير على القرار السياسي والاقتصادي لتلك
الدول لدرجة ان رجال السياسة في بريطانيا على سبيل المثال اصبحوا يطلبون
وده وود الصحف التابعة له ، هذا القضية اظهرت تاثير راس المال على دور
الإعلام في التأثير السيئ في ثقافة المجتمع!!
ما علينا
المهم
ان السبب في التطرق الى هذا الموضوع هو سؤال ورد من قبل بعض الأصدقاء
الاعلامين والمتابعين لوسائل الإعلام الفلسطيني حيث حرصت بعض تلك الوسائل
على نقل كل تصريح او تحرك لرجل اعمال يرغب وبشدة بلعب دور سياسي بعد ان شبع
من الدور الاقتصادي ، مما دفع الأصدقاء الى مناقشة هذا الموضوع من باب
المهنية الإعلامية تأثير راس المال على الأعلام ، وهل هذا الدور له تأثير
حقيقي في وسائل الإعلام الفلسطينية ذات الإمكانيات المحدودة وذات الجمهور
المحدد أكثر؟! فكانت الاراء متباينه فهناك من قال بأنه حتى لو كان الأعلام
محدود فيجب الحذر من هذه العلاقة ، بينما قال البعض الأخر بأنه بما أن
الأعلام الفلسطيني لا زال في مراحله الاولى فلا مانع من هذه العلاقة بين
المال والاعلام شريطة ان تكون معالمها واضحة ومحددة بالقانون.. هنا تذكرت
احد المحررين الذي كاد ان يفقد وظيفته في احد الصحف عندما اجتهد وقرر عدم
نشر خبرا محلي صغيريخص معلن ما ، هذا الخبرلا يهم المواطن على الاطلاق، فما
كان من رئيس التحرير الا ان صرخ بوجه المحرر مؤكدا ان هذا الخبر يجب ان
ينشر بمكان بارز لانه يعتبر هاما للصحيفة ..!! وتذكرت كيف ان احدى الشركات
الكحلية الرائدة هددت بوقف الاعلانات في احدى الصحف بسبب تقرير اعده صحفي
ناشط يمس من بعيد هذه الشركة ، وطبعا ضحى رئيس التحرير بتقرير الصحفي الذي
وبخه وبشدة لصالح راس المال الذي لا زال يتنصر في هذه المعادلة!!
وحديث الاعلام مستمر
